الفتاوى الذهبية لأئمة الدعوة السلفية (1)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه هي الفتاوى الذهبية في نسختها المزيدة ، حيث أضيفت إليها فتوتان لكل من الشيخ صالح آل الشيخ والشيخ حسن الهواري حفظهما الله لعل الله ينفع بها جميع إخواني و أسال الله أن يؤلف قلوبنا ويغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا.

الفتاوى الذهبية لأئمة الدعوة السلفية

في بعض القضايا المنهجية
الشيـــخ عبد العزيــــــز بن بـــــــــــــــــــــــاز الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
الشيخ محمد بن صالح العثيمين الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيـــــــــــد
الشيخ عبد الله الغديـــــــــــــــــــــــــــــــــــان الشيخ عبد العزيز آل الشيـــــــــــــــــخ الشيخ صالح بن فوزان الفــــــوزان الشيخ عبد المحسن العبـــــــــــــــــــــاد الشيخ عبد الله المطلـــــــــــــــــــــــــــــــــق الشيخ صالح آل الشيـــــــــــــــــــــــــــــــــخ
الشيخ الدكتور حسن بن أحمد الهواري (رئيس المجلس العلمي لجماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان)

جمع وترتيب أبي الحسن خوجلي إبراهيم عمر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد
فهذه أقوال نفيسة لأهل العلم المعاصرين في نبذ ظاهرة التجريح لدعاة أهل السنة والتشهير بهم، وتحذير الناس منهم، نقلتها عنهم لبيان موقف العلماء الراسخين الذين هم أئمة الدعوة السلفية في هذا العصر وكبار مشايخها؛ لعل الله ينفع بها إخواني الفضلاء، وخاصةً من ابتلي منهم بالطعن في العلماء والدعاة المصلحين، وقد اكتفيت بنقلها دون التعليق عليها لتحكم بنفسك؛ وتميز بعقلك وفهمك ، وإليك أخي الكريم هذه الفتاوى، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.
1/ قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله في مقال له بعنوان: (أسلوب النقد بين الدعاة والتعقيب عليه)
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد النبي الأمين , وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن الله عز وجل يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الظلم والبغي والعدوان , وقد بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بما بعث به الرسل جميعاً من الدعوة إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده . وأمره بإقامة القسط ونهاه عن ضد ذلك من عبادة غير الله , والتفرق والتشتت والاعتداء على حقوق العباد .
وقد شاع في هذا العصر أن كثيراً من المنتسبين إلى العلم والدعوة إلى الخير يقعون في أعراض كثيرٍ من إخوانهم الدعاة المشهورين , ويتكلمون في أعراض طلبة العلم والدعاة والمحاضرين . يفعلون ذلك سراً في مجالسهم . وربما سجلوه في أشرطة تنشر على الناس , وقد يفعلونه علانيةً في محاضرات عامة في المساجد , وهذا المسلك مخالف لما أمر الله به ورسوله من جهات عديدة منها :
أولاً : أنه تعدٍّ على حقوق الناس من المسلمين , بل من خاصة الناس من طلبة العلم والدعاة الذين بذلوا وسعهم في توعية الناس وإرشادهم
، وتصحيح عقائدهم ومناهجهم , واجتهدوا في تنظيم الدروس والمحاضرات وتأليف الكتب النافعة .
ثانياً : أنه تفريق لوحدة المسلمين وتمزيق لصفهم . وهم أحوج ما يكونون إلى الوحدة والبعد عن الشتات والفرقة وكثرة القيل والقال فيما بينهم , خاصة وأن الدعاة الذين نيل منهم هم من أهل السنة والجماعة المعروفين بمحاربة البدع والخرافات , والوقوف في وجه الداعية إليها , وكشف خططهم وألاعيبهم . ولا نرى مصلحةً في مثل هذا العمل إلا للأعداء المتربصين من أهل الكفر والنفاق أو من أهل البدع والضلال .
ثالثاً : أن هذا العمل فيه مظاهرةٌ ومعاونةٌ للمغرضين من العلمانيين والمستغربين وغيرهم من الملاحدة الذين اشتهر عنهم الوقيعة في الدعاة والكذب عليهم والتحريض ضدهم فيما كتبوه وسجلوه , وليس من حق الأخوَّة الإسلامية أن يعين هؤلاء المتعجلون أعداءهم على إخوانهم من طلبة العلم والدعاة وغيرهم .
رابعاً : إن في ذلك إفساداً لقلوب العامة والخاصة , ونشراً وترويجاً للأكاذيب والإشاعات الباطلة , وسبباً في كثرة الغيبة والنميمة وفتح أبواب الشر على مصاريعها لضعاف النفوس الذين يدأبون على بث الشبه وإثارة الفتن ويحرصون على إيذاء المؤمنين بغير ما اكتسبوا .
خامساً : أن كثيراً من الكلام الذي قيل لا حقيقة له , وإنما هو من التوهمات التي زينها الشيطان لأصحابها وأغراهم بها وقد قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا } والمؤمن ينبغي أن يحمل كلام أخيه المسلم على أحسن المحامل , وقد قال بعض السلف : لا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً .
سادساً : وما وجد من اجتهاد لبعض العلماء وطلبة العلم فيما يسوغ فيه الاجتهاد فإن صاحبه لا يؤاخذ به ولا يثرب عليه إذا كان أهلاً للاجتهاد , فإذا خالفه غيره في ذلك كان الأجدر أن يجادله بالتي هي أحسن , حرصاً على الوصول إلى الحق من أقرب طريق ودفعاً لوساوس الشيطان وتحريشه بين المؤمنين , فإن لم يتيسر ذلك , ورأى أحد أنه لا بد من بيان المخالفة فيكون ذلك بأحسن عبارة وألطف إشارة , ودون تهجم أو تجريح أو شطط في القول قد يدعو إلى رد الحق أو الإعراض عنه . ودون تعرض للأشخاص أو اتهام للنيات أو زيادة في الكلام لا مسوغ لها . وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في مثل هذه الأمور: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا .
فالذي أنصح به هؤلاء الأخوة الذين وقعوا في أعراض الدعاة ونالوا منهم أن يتوبوا إلى الله تعالى مما كتبته أيديهم , أو تلفظت به ألسنتهم مما كان سبباً في إفساد قلوب بعض الشباب وشحنهم بالأحقاد والضغائن , وشغلهم عن طلب العلم النافع , وعن الدعوة إلى الله بالقيل والقال والكلام عن فلان وفلان , والبحث عما يعتبرونه أخطاء للآخرين وتصيدها , وتكلف ذلك .
كما أنصحهم أن يكفروا عما فعلوا بكتابة أو غيرها مما يبرئون فيه أنفسهم من مثل هذا الفعل ويزيلون ما علق بأذهان من يستمع إليه من قولهم , وأن يقبلوا على الأعمال المثمرة التي تقرب إلى الله وتكون نافعةً للعباد , وأن يحذروا من التعجل في إطلاق التكفير أو التفسيق أو التبديع لغيرهم بغير بينة ولا برهان وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما » متفق على صحته .
ومن المشروع لدعاة الحق وطلبة العلم إذا أشكل عليهم أمر من كلام أهل العلم أو غيرهم أن يرجعوا فيه إلى العلماء المعتبرين ويسألوهم عنه ليبينوا لهم جلية الأمر ويوقفوهم على حقيقته ويزيلوا ما في أنفسهم من التردد والشبهة عملا بقول الله عز وجل في سورة النساء : { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا }
والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين جمعيا ويجمع قلوبهم وأعمالهم على التقوى , وأن يوفق جميع علماء المسلمين , وجميع دعاة الحق لكل ما يرضيه وينفع عباده , ويجمع كلمتهم على الهدى ويعيذهم من أسباب الفرقة والاختلاف , وينصر بهم الحق ويخذل بهم الباطل إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه , ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين . انتهى كلامه رحمه الله من مجموع فتاوى ابن باز ج 7 ص 311
2/ وأيضاً سئل رحمه الله حول نفس الموضوع السؤال الآتي:
صدر عن سماحتكم بيان قبل أسابيع حول أسلوب النقد بين الدعاة فتأوله بعض الناس بتأويلات مختلفة , فما قول سماحتكم في ذلك؟ – السائل : ع . ف . ع .
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن اهتدى بهداه أما بعد :
فهذا البيان الذي أشار إليه السائل أردنا فيه نصيحة إخواني العلماء والدعاة بأن يكون نقدهم لإخوانهم فيما يصدر من مقالات أو ندوات أو محاضرات أن يكون نقداً بنَّاءً بعيداً عن التجريح وتسمية الأشخاص ; لأن هذا قد يسبب شحناءَ وعداوةً بين الجميع .
وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته إذا بلغه عن بعض أصحابه شيءٌ لا يوافق الشرع نبه على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : « ما بال أقوام قالوا كذا وكذا » ثم يبين الأمر الشرعي عليه الصلاة والسلام .
ومن ذلك أنه بلغه أن بعض الناس قال : أما أنا فأصلي ولا أنام , وقال الآخر : أما أنا فأصوم ولا أفطر , وقال آخر : أما أنا فلا أتزوج النساء ، فخطب الناس صلى الله عليه وسلم وحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ، لكني أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ».
فمقصودي هو ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أي أن التنبيه يكون بمثل هذا الكلام , بعض الناس قال كذا , وبعض الناس يقول كذا , والمشروع ذا , والواجب كذا فيكون الانتقاد من غير تجريح لأحد معين , ولكن من باب بيان الأمر الشرعي , حتى تبقى المودة والمحبة بين الإخوان وبين الدعاة وبين العلماء .
ولست أقصد بذلك أناساً معينين وإنما قصدت العموم جميع الدعاة والعلماء في الداخل والخارج .
فنصيحتي للجميع أن يكون التخاطب فيما يتعلق بالنصحية والنقد من طريق الإبهام لا من طريق التعيين إذ المقصود التنبيه على الخطأ والغلط وما ينبغي من بيان الصواب والحق من دون حاجةٍ إلى تجريح فلان وفلان . وفق الله الجميع .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد
مجموع فتاوى ابن باز ج7 ص 315ـــــ316

اترك رد